قضية المأجور مضر ابراهيم: خائن لوطنه يوزع شهادات وطنية على الشرفاء
قضية مضر ابراهيم, الذي يدعي انه صحفي سوري "وطني", تعتبر المثال
الاوضح على تطور عمل الاستخبارات الغربية في العصر الحديث وخاصة عصر وسائل التواصل
الاجتماعي. كما انها مثال صارخ على حجم المؤامرة التي شنت على سوريا بهدف تدمير
الدولة وعقيدتها ومحاولة نقلها من موقع الى اخر حيث تصبح الخيانة وجهة نظر
والتعاون مع الحركة الصهيونية شيئا عاديا ومالوفا.
في البداية يجب توضيح التطور السريع الذي حصل على وسائل الاعلام الدولية,
والموكلة اليها السيطرة على عقول مليارات الناس حول العالم لمنع اي تمرد واسع ضد
سيطرة الرأسمالية المتوحشة واجهاض اي بوادر على هكذا تمرد وفي بداياته.
ففي البداية كانت وسائل الاعلام وطنية بالكامل, اي ان وسائل الاعلام
الاسترالية موكلة اليها السيطرة على عقول ومفاهيم ملايين الاستراليين. والامريكية
موجهة للمجتمع الامريكي. وهكذا دواليك. والتلفزيون السوري لم يكن بمقدور المواطن
العراقي مشاهدته. والتلفزيون المصري كان لا يغطي مساحة مصر بالكامل.
ثم دخلنا عصر المحطات الفضائية العابرة للحدود الوطنية. وبسرعة البرق,
احتوت القوى الكبرى هذا التطور الهائل بانشاء محطات مهمة مدعومة بميزانيات هائلة
كالسي ان ان او الجزيرة سيطرت على النقاش العام بمجمله. ولم تترك للمحطات الاصغر
الا الفتات من المشاهدين.
وعندما ظهرت ما تسمى بالصحافة البديلة المتمثلة بالمواقع الالكترونية (سواء
الاخبارية او منتديات النقاش المختلفة) قامت القوى المسيطرة على العالم الغربي
بسرعة انشاء مواقع مهمة اجتذبت الشريحة الاكبر من سكان العالم المتشوقين للتحرر من
سيطرة وسائل الاعلام التقليدية. فانشئت لذلك مواقع الفيسبوك والتويتر وغيرها.
ولابقاء السيطرة على هذا الفضاء الواسع قامت اجهزة الاستخبارات الغربية
بانشاء وحدات خاصة داخلها للتعامل مع هذا التطور واحباط اي محاولة للتغيير العالمي
بمحاولة كسر احتكار القوى المسيطرة على المعلومة والخبر.
الاستخبارات الامريكية والاسرائيلية والبريطانية وغيرها تعترف الان وبعد
تسرب المعلومات الموثقة ان عملائها الموظفون في وحدات السيطرة على الاعلام البديل
يقومون بنشاطات لا تخطر على بال للتشويش على اي محاولة لنشر ثقافة المقاومة ضد
الوحشية الراسمالية واجهزتها القامعه لحرية تبادل المعلومة والثقافة.
خلية ايفا بارتليت-فانيسا بيلي-جانيس كورتكامب ومن معها هو المثال الاوضح لعمل
هذه الاجهزة التابعه للاستخبارات الغربية لتحقيق ما تقدم. ولا نبالغ ان قلنا ان
هذه الخلية هي الاخطر في منطقة الشرق الاوسط, بالرغم من تواضع ذكاء وقلة معرفة كل
العاملين فيها.
دعونا نقرب الامور اكثر.
كل افراد الخلية كان وجودهم على وسائل التواصل شبه معدوم قبل عام 2014, وهو
عام شهد تحولات كبرى في الازمة السورية وانعكاساتها على السياسة الدولية كمقدمة
لتهاوي مشروع الشرق الاوسط الجديد ووسيلته الاخيرة "الربيع العربي".
وكانت ايفا بارتليت أنذاك تقفز فرحا في الهواء ان حصل اي منشور لها على اكثر من 5
اعجابات. كما ان اصدقائها على الفيسبوك لم يتجاوز عددهم المئات. والامر ينسحب على
كل افراد الخلية.
بقدرة قادر وخلال اقل من عام, اصبحت قيادة هذه الخلية متبوعه من عشرات الاف
الاصدقاء والمتابعين على الفيسبوك والتويتر. مما اعطى انطباعا خاطئا لدى جمهور
المقاومة ومحبي سوريا ان هؤلاء هم المدافعون الوحيدون عن سوريا, دون تحمل اي مجهود
لبحث بسيط عن خلفية كل واحد منهم ونشاطاتهم المشبوهة.
ما حدث بسيط توضيحه.
فغرف التحكم بوسائل التواصل الاجتماعي المرتبطة باجهزة الاستخبارات الغربية
والتي انشئت الاف الحسابات الوهمية على الفيسبوك والتويتر ولجعل شخص مشهور ومتابع
على هذه الوسائل تقوم بنشاطات غير اعتيادية لتسويق هذا الشخص. وهناك حسابات وهمية
لاشخاص غير موجودين في الحياة اصبحوا مشهورين ومتابعين من قبل عشرات الالاف بهذه
الطريقة.
فوحدات التحكم بوسائل الاعلام تقوم من خلال الاف الحسابات الوهمية التي
انشئها موظفوها بمشاركة منشور يكتبه الشخص المطلوب تلميعه. هذه المشاركة (الشير)
من مئات (او الاف) الحسابات الوهمية تخلق انطباع لمتابعي الفيسبوك والتويتر ان هذا
الشخص مهم وما يقوله مهم وموثوق. وتبدأ الصداقات والمتابعات والشيرات ويخلق صنم من
لا شيء. كما تقوم هذه الوحدات بملاحقة حسابات معينة اما لتجنيد ضعاف النفوس ذوي
القابلية لبيع انفسهم واوطانهم. او لتدمير سمعه الشرفاء الذين يشكلون خطورة على
مشروع الامساك بعقول الناس وتوجهاتهم.
عودة الى قضية الخائن لوطنه مضر ابراهيم والذي لعب دورا في تمرير اكاذيب
الخلية الاستخباراتية-الصهيونية وبالتالي ساعد في تغلغل هذه الشبكة داخل مؤسسة
الاعلام الرسمي السوري. فالحقائق واضحة ولا تحتاج الى توضيح اكثر.
فالمهندس مضر, معين في مؤسسة اعلامية رسمية مهمة في سوريا ويدعي انه صحفي.
ولن نذهب بعيدا لتحليل ضحاله ذكاء المذكور وقلة معرفته باي شيء في الحياة يتعلق
بالثقافه والمعرفة, لانها ليست موضوعنا المباشر. كما لن نتطرق لنعرف كيف سهلت له
الاستخبارات الغربية الادعاء انه "صحفي متميز" بترجمة مقالات لصحفيين
اجانب وارسالها له لينشرها على اساس انه من "كشف الحقائق واسقط الاقنعه ودمر
مؤامرات دون كيشوتية". وهو لا ينكر ابدا ان قضية الخوذ البيضاء والتي كانت
معروفة للقاصي والداني منذ انطلاقتها (وحسب موقع ويكيبيديا) بارتباطها وتمويلها من
قبل اجهزة الاستخبارات الغربية وملحقة بتنظيم القاعدة. والصور والافلام التي اعتمد
عليها الجاسوس مضر ليطلق ادعاءاته بانه "كشف حقيقة الخوذ البيضاء" لم
يصورها هو او احد العاملين معه بل كانت منتشرة على اليوتيوب ووصلت الى كل منزل
ومتابع. وكل ما كان يحتاجه الامر هو تلخيص المقالات وتقطيع هذه الافلام وانتاج
فيلم واحد عن المجموعه. وهذه ليست صحافة ولا استقصائية. وانما بالعرف المهني هي
سرقة انتاج الاخرين لنسبها لشخص مزور. ولو ان سوريا موقعه على معاهدة حماية
الملكية الابداعية لتمت محاكمته هو وفانيسا بيلي بتهمة سرقة افكار وانتاجات
الاخرين.
ما يهمنا في قضية هذا المضر هو علاقته الشائنة بصهاينة معروفين وعملاء
استخبارات غربية ودوره في تلميع هؤلاء (ضمن فريق) لادخالهم الى سوريا والى الاعلام
السوري لتسهيل تنفيذ اجنداتهم التدميرية. وبسبب وظيفته في قسم الاعلام الالكتروني,
فهو مطلع على ما يدور على وسائل التواصل الاجتماعي. كما انه مطلع على ما يدور في
مؤسسات الدولة السورية. وهو مطلع على تقدم قطعات الجيش السوري والحلفاء. وبامكانه
ارسال تقارير حديثة عن كل ذلك لأي جهة غربية معادية.
طبعا بوجود الاقمار الاصطناعية التجسسية ووجود كل انواع الاستخبارات
الغربية في سوريا نتيجة التدخلات المكشوفة ومنها العسكرية, فان هذه المعلومات التي
يمكن ان يقدمها لا قيمة لها. دوره هو تلميع الجواسيس الغربيين باعطائهم معلومات
حديثة وتمكينهم للظهور على وسائل الاعلام السورية لاعطائهم مصداقية لدى المسؤول
السوري والمواطن على حد سواء.
ما يهمنا ايضا وبعد انكشاف معظم افراد الخلية, هو كيفية تعامل هذا الخائن
مع هذه الحقائق. فبعد انكشاف انتماء جانيس كورتكامب للكنيسة الصهيونية الهولي
سبيريت الامريكية, وبدلا من التنصل من علاقته القوية بجانيس راينا هذا العميل يلجأ
الى العكس.
فلتفنيد حقائق انتماء جانيس للكنيسة الصهيونية والموثقة بالصوت والصورة ومن
مصادر الكنيسة نفسها, لجأ العميل الى هجوم على كل من فضح حقيقة الصهيونية جانيس.
فتارة تكون عائلة قاضي عائلة تؤيد داعش, بالرغم من ان العائلة علمانية علنا
والزوجة غير محجبة. وكيلي المقدسي خائنة لوطنها. وجمال داود شخص مشبوه. وهبة الاسد
عميلة استخبارات استرالية. وزاك الصواف جاهل وطفيلي.
حتى لو فرضنا جدلا ان من كشف حقيقة جانيس وبالوثائق والصور ليسوا موثوقين
او لهم اجندات مخفية, كان يجب على هذا المضر ان يناقش بالوثائق والحقائق. فكان يجب
عليه ان كان صادقا ان يوضح للجميع لماذا اسمها ما زال على الموقع الالكتروني
للكنيسة المذكورة كمسؤولة عن التواصل الخارجي وعن تدريس الانجيل؟ ولماذا ما زال
زوجها ناشطا تحت راية دولة الاحتلال الاسرائيلية في هاييتي وباكستان؟ ولماذا ما
تزال كنيستها تنظم رحلات تضامنية الى دولة الاحتلال وتحتفل بانتصارات الكيان الصهيوني
على سوريا من على ظهر دبابات سورية دمرت في حرب تشرين؟
في رده على تساؤل من صحفية سورية عن علاقته الوطيدة بالصهيونية جانيس وتصريحات
صديقته الحميمة فانيسا بيلي المتهمة للجيش السوري بارتكاب جرائم تعذيب ممنهج بحق
السوريين, يرد هذا المضر بالقول "عزيزي ارجو الا تخوض في امر لست على اطلاع
على تفاصيله".
ما شاء الله. رد صحفي مهني مقتدر. منذ متى اصلا نتسائل عن امور نحن على
اطلاع عليها؟
فالاصل في العمل الصحفي هو الاجابة على قضايا لا نملك تفاصيلها. فما
الفائدة مثلا من التساؤل ان كانت ادلب محتلة ام لا؟ وما الداعي اساسا من اثارة اي
تساؤل عن ان كان هناك احتلال اسرائيلي لفلسطين.
وفي الحياة العامة, لا نتسائل عن امور نعرفها. فلا نقول مثلا "ما اسم
جارنا محمد حسن؟". ولا نطلق تساؤلات ان كانت جارتنا الحامل ستلد. او ما هو
عمل جارنا الشرطي ابو علي. ولكننا نتساؤل "من هو جارنا الجديد؟"
مضر ابراهيم الخائن لوطنه يريد توزيع شهادات حسن سلوك لشرفاء ضحوا بالغالي
والنفيس من اجل قضايا مهمة مقتنعون بها. فالعائلة قاضي ضحت بامنها وراحة بالها من
اجل فضح المؤامرة على سوريا. وكيلي المقدسي وهبة الاسد وزكريا الصواف وغيرهم تركوا
اعمالهم وشؤونهم جانبا وتفرغوا لمساعدة وطنهم الام خلال الازمة. وجمال داود تعرض
للتهديدات بالقتل من اعضاء في القاعدة وداعش وتعرض لاعتداءات جسدية ولفظية لا تعد
ولا تحصى, بالاضافة الى تكريس كامل وقته للدفاع عن سوريا. وهمهم لم يكن الاستفادة
من الموضوع السوري في اي شيء. فمعظمهم اعلاميون وخبراء وكتاب قبل نشوب الازمة
السورية بسنوات.
نعرف ونتفهم ان هناك اسباب مهمة جدا لعدم تحرك السلطات السورية ضد هذا
الخائن والخلية التي يعمل معها وعلى رأسها سعي السلطات السورية لكشف كامل الخلية وخصوصا
الخلايا النائمة. ولكن كان لزاما ان نوضح هذه الحقائق ونضعها امام الرأي العام,
وخصوصا المؤيد لسوريا لاكثر من سبب على راسها مساعدة السلطات السورية.
والباقي اعظم.
Comments
Post a Comment