خطورة خلية بيلي-بارتليت التجسسية: اختراق عالي المستوى في زمن الحرب
البرنامج التوثيقي عن خلية فانيسا بيلي – ايفا بارتليت التجسسية الذي بثه
تلفزيون نيوز باد الامريكي المستقل وبالرغم من انه اضاف القليل فقط لما نعرفه عن
هذه الخلية, الا انه ارسل اكثر من رسالة يجب ان تهز الرأي العام السوري ومراكز
القرار فيه.
فالخلية والتي كانت الى الامس القريب معادية بشكل فاضح للدولة السورية,
اصبحت بين ليلة وضحاها وبقدرة قادر المدافعة الكبرى عن سوريا. بل وفي اكثر من
منشور لاعضاء الخلية يدعون ان الخلية واعضاؤها هم من احبط المخطط الشيطاني لتدمير
واسقاط الدولة السورية.
في احدى الوثائق في البرنامج تدعو الجاسوة فانيسا بيلي لاغتيال الرئيس
السوري كحل للازمة السورية بدلا من التركيز على هزيمة داعش. هذه التغريدة التي
غردتها في منتصف شهر اكتوبر/تشرين اول 2014, لم تلفت انتباه المسؤولين السوريين
حتى يومنا هذا لوضع حد لهذه المؤامرة, والموازية في خطورتها او الملازمة لمؤامرة
الربيع العربي وخصوصا الربيع السوري.
وتغريدات بيلي لم تقتصر على هذه التغريدة, بل سبقها او لحقها الكثير من
التغريدات المسيئة للدولة السورية وجيشها ورئيسها.
ففي تغريدة اخرى تدعي ان الجيش العربي السوري اشترى كميات كبيرة من غاز
الاعصاب من بريطانيا في منتصف عام 2012, غامزة الى مسؤولية الجيش السوري عن الهجوم
الكيماوي على الغوطة عام 2013.
وتلتها تغريدات مسيئة اخرى بعضها مسيء لايران وحزب الله, كما لسوريا.
اذا كيف تسللت هذه الخلية الى سوريا واخترقت الدولة السورية وعلى اعلى
المستويات؟
قد لا نستطيع الحصول على الوثائق كاملة, فنحن نتحدث عن خلية جواسيس
محترفين. ولكن بالرجوع لتسلسل الاحداث ومقارنتها ببعضها, نستطيع ان نرسم صورة
تقريبية لما حدث.
الاختراق الاول حصل عندما تسللت ايفا بارتليت وتحت مسمى التضامن مع غزة
وفلسطين وسكنت وتنقلت في ارجاء فلسطين لسنوات. وبالرغم من ان بارتليت لم تحقق اي
نجاحات مهمة في اختراق التنظيمات الفلسطينية, الا انها اسست للعملية والاختراق
الكبريين لاحقا باكتساب خبرات عن ثقافة المنطقة ولغتها ومواطن ضعفها, وهي لا تعد
ولا تحصى.
اما الاختراق الذي حقق بعض النجاحات فهو عندما قامت فانيسا بيلي وفي مطلع
عام 2015 بالتسلل الى مجموعات دينية موالية لايران تعمل من خلال مؤسسة "معهد
الافكار الاسلامية المعاصرة", والذي له افرع في بريطانيا والولايات المتحدة
وكندا. بالاضافة الى افرعه في بعض الدول الاسلامية.
بالرغم من دخول ايفا بارتليت وبعض افراد خليتها الى سوريا بداية عام 2014,
الا انها لم تحقق اي اختراق حقيقي هناك. فزيارتها القصيرة والتي نظمت عن طريق
الكنيسة الانجيلية في بريطانيا بالتعاون مع الكنيسة الكاثوليكية في سوريا (الام
اجنيس الصليب) لم تحقق لها الا الالتقاء بالخلايا النائمة السورية التي كانت قد
نظمتهم عن طريق الفيسبوك. نخص بالذكر هنا شخصيتين لعبتا دورا مهما في تسهيل مهمة
اختراق الخلية التجسسية للمجتمع السوري وهما قصي خميس وعفرا داغر.
حاولت ايفا بارتليت وخليتها التحرر من ضغط الدخول الى سوريا عن طريق
مجموعات التضامن ذات البرنامج المحدد والوقت الضيق عن طريق محاولة الحصول على
تاشيرة شخصية لاكثر من شهر. ولكن كل محاولاتها باءت بالفشل, الى ان قامت بالاختراق
الاهم في تاريخ هذه الخلية التجسسية.
حيث قامت الجاسوسة ايفا بارتليت وبتسهيل من بعض المعارف المحسوبين على
ايران في لندن عن طريق نشاطات بيلي مع معهد الافكار الاسلامية المعاصرة بالاتصال
بجريدة الاخبار اللبنانية المحسوبة على حلفاء ايران وعرضت عليهم التطوع كمراسلة
لهم في قارة امريكا الشمالية. وبعد قبول العرض وتزويد بارتليت بكل التسهيلات
الممكنة, قامت بارتليت بالعمل "الصحفي" الوحيد مع الصحيفة. فاتصلت بمكتب
د. بشار الجعفري , ممثل سوريا الدائم في الامم المتحدة, وطلبت اجراء حوار صحفي
لصالح جريدة الاخبار. تم اللقاء بتاريخ 8 كانون ثاني/يناير 2015 في مكتب د.
الجعفري في نيويورك.
الخلية لم تهتم كثيرا باللقاء ومحتواه, بقدر ما كان المهم هو الوصول الى د.
الجعفري واقناعه بالمساعدة في الدخول الى سوريا, ولاحقا للتسلل الى الهرم القيادي
فيها. وهذا ما يفسر ان بارتليت لم تجر اي لقاء اخر لصالح جريدة الاخبار.
اذا الاختراق الاكبر حدث عن طريق التسلل من خلال المؤسسات التابعه او
الممولة من ايران. وسنذكر لاحقا الاختراقات الاخرى التي حققتها الخلية عن طريق
خلاياها النائمة في الوسط "الشيعي" في لبنان و ايران او الدول الغربية.
خلال اللقاء مع د. الجعفري, حصلت بارتليت على تزكية منه للسلطات الامنية في
سوريا مما مكنها بالحصول على تاشيرة شخصية وزيارتها لسوريا اول مرة ايار 2015
بعيدا عن مراقبة الاجهزة الامنية والبرنامج المحدد والمعد سلفا من قبل المنظمين.
فدخلت الى منازل وهربت اموال ونظمت خلايا نائمة (ولدينا شهود عيان على كل ذلك).
بمجرد عودتها من سوريا, عاودت الجاسوسة بارتليت الاتصال مع د. بشار الجعفري
واقترحت عليه تنظيم وفد امريكي لزيارة سوريا من اعضاء في مجلس السلام الامريكي.
وافق د. الجعفري وخاطب السلطات السورية لتسهيل دخول الوفد وترتيب لقاءات على اعلى
المستويات, من ضمنها لقاء مع رئيس الجمهورية. وفي خلال ذلك زج باسم فانيسا بيلي
البريطانية الجنسية ضمن الوفد دون ادنى ارتياب من السلطات السورية. فما دخل
بريطانية
الجنسية بوفد امريكي؟
الخلية عملت ومنذ ما قبل تسللها الى سوريا على تجنيد خلايا نائمة مستغلة
الوضع الاقتصادي الصعب في سوريا بعد حرب طاحنة لسنوات وتدمير بنية تحتية وانشغال
اجهزة الامن بمكافحة الارهاب التكفيري المدمر المنتشر في طول البلاد وعرضها. وشمل
تجنيد الخلايا على دفع رواتب او حوافز لاعلاميين وعسكريين وعاملين في مكاتب
المسؤولين. وهذا ما يفسر تمكن هذه الخلية من تامين دخول اعضائها بسهولة الى البلد
دون النظر الى تاريخ معظمهم المشين المعادي لسوريا. كما ضمن تامين لقاءات وعلى
اعلى المستويات مع وزراء وقيادات دينية. كما امن لقيادات المجموعه وحتى منتصف
العام الماضي عندما فضحنا حقيقة الخلية الظهور على شاشات التلفزيونات الوطنية.
البرنامج الذي عرض على تلفزيون النيوز باد المستقل كشف خطورة هذه الخلية.
فالخلية استطاعات وخلال 3 اعوام من العمل في سوريا من تجنيد خلايا نائمة على كل
المستويات. وهذا يشمل تجنيد خلايا نائمة داخل مؤسسة الامن الوطني, ما يفسر سهولة
استخراج التاشيرات لصهاينة معروفين او شخصيات نادت في وقت ليس ببعيد بضرورة اغتيال
الرئيس الاسد. بل ان تجنيد خلايا داخل الامن الوطني امن ادخال جنود ناتو سابقين
وصحفيين
صهاينة.
الخلية التي هربت ملايين الدولارات لتجنيد خلايا نائمة اصبحت تشعر انها فوق
المساءلة. كما انها وبعد ان حققت كل هذه الاختراقات, حققت نجومية لا تستحقها على
وسائل التواصل الاجتماعي. وبدون اي استحقاق, اضفت الخلية على قادتها صفات لا
تستحقها ك "صحفية استقصائية" او "خبيرة في الشأن السوري".
بينما في الحقيقة فان اعضاء الخلية مجموعه من الجواسيس الذين لا يحملون اي شهادات
اكاديمية تؤهلهم لهكذا ادعاءات. كما انهم لم يعملوا ولا ليوم واحد في مؤسسة
اعلامية محترمة او شبه محترمة.
الخلية الان تحاول ان تجني ثمار ما زرعته منذ سنوات. فالخلية وبعد ان دمرت
شبكات دعم سوريا
واخترقت المجتمع السوري ونشرت الفكر الصهيوني المسيحي, تحاول ان تبقي
مهمتها التجسسية الحقيقية طي الكتمان لتلعب دورا في التائير على شكل سوريا
المستقبلية.
البرنامج الذي عرض على نيوز باد لم يتطرق لقضايا مهمة في عمل هذه الخلية:
1- مصادر تمويل الخلية
2- سر تحول اعضاء الخلية من معاداة سوريا علنا وحتى عام 2014 الى تاييد
سوريا بشكل مطلق.
3- اسباب معاداة الخلية لكل اصدقاء سوريا الحقيقيين ممن رفضوا
"التجند" في الخلية والعمل ضمن الاجندة .وكاتب المقال احد من عرض عليه
"التجند" في الخلية والعمل تحت امرتها.
فقادة الخلية فانيسا بيلي وايفا بارتليت لم تعملا في اي وظيفة مدفوعة الاجر
ومنذ اكثر من عقد من الزمان. ومع هذا فقد اسستا العشرات من المواقع الالكترونية
والاذاعات الديجيتال وتنقلتا بين العشرات من الدول. كما شوهدتا تهربان اموال طائلة
كلما زارتا سوريا من اجل تمويل تجنيد الخلايا النائمة واختراق مؤسسات الدولة.
اختراق الخلية التجسسية جاء عن طريق الذراع الخارجي للدولة الايرانية التي
اعتقدت انها بتمويل نشاطات تهدف لجمع اكبر عدد من الغربيين الذين يدعون دعم سوريا
وايران وحزب الله فان هذه هي اكبر خدمة لقضية الدفاع عن سوريا. بينما اكتشفنا
لاحقا ان كثيرا ممن تمت دعوتهم للمشاركة في مؤتمرات ووفود تضامنية مولتها ايران هم
جواسيس ومشبوهين. ونعرف اكثر من 10 شخصيات تم منعها حديثا من دخول سوريا بسبب
نشاطاتها المشبوهة او تاكد الامن السوري بضلوعهم بالتجسس ونذكر منهم: بول لارودي
(الشخص المدلل عند الايرانيين), ريك ستيرلنج, جون ماسلر سونيا فان اندي وغيرهم
الكثيرون. ونحن متاكدون ان الدولة تدرس الان ملفات العشرات ممن استفادوا من السخاء
الايراني واخترقوا سوريا وايران وحزب الله. ولدينا قائمة كاملة بالاسماء سنعمل على
نشرها تباعا.
الخلية خطيرة جدا. تملك ميزانية مفتوحة للانفاق وتجنيد العملاء. واستطاعت
التغلغل بشكل هائل مستغلة الانفلات الامني والفقر والبطالة وحاجة الدولة السورية
للتضامن الاجنبي والمساعدة الاقتصادية والسياسية. ولكننا واثقون ان الامور ستتكشف
قريبا وسيتم القضاء على احدث نسخ ايلي كوهين في المنطقة.
Comments
Post a Comment